هناك دائما ما تستطيع القيام به من أجل شخص آخر
إن ديمترينا تعمل خبيرة في علم نفس وأخصائية في الشؤون الاجتماعية في منظمة “كاريتاس صوفيا”. ولديها خبرة واسعة في تقديم المساعدة النفسية والمشورة لمدمني المخدرات والمشردين والشباب المعرضين للخطر… وخلال السنوات الأخيرة تعمل بنشاط مع اللاجئين الذين يطلبون المساعدة من منظمة “كاريتاس”.
ومنذ الوهلة الأولى تدرك أنها نشطة جداً ولديها رغبة كبيرة في جعل العالم أفضل للعيش وتثبت ذلك رعايتها بالناس وقعوا في موقف صعب ذلك. إنها تكرِّس حبها وأملها ومعرفتها الواسعة في ما تفعله وتكافح كل يوم لتتعلم شيئًا جديدًا لتكون مفيدة قدر الإمكان للأشخاص الذين تساعدهم.
كيف توضحين عملك في “كاريتاس” للأشخاص الذين يسمعون لأول مرة عن المنظمة؟
أعمل في المركز الخاص بتكامل اللاجئين والمهاجرين المسمى بــ”سفيتا آنا ” كطبيب نفساني. يأتي إليّ اللاجئون بمشكلة محددة نبدأ نناقش فيها سوية من أجل إيجاد طرق ووسائل لحلها. وفي هذا الصدد عندما يسألونني عن عملي أقول إنه عبارة عن النظر في المصائر البشرية المختلفة للأشخاص الذين يحتاجون إلى التفاهم والقبول والمساعدة والدعم في المجالات المختلفة.
هل تواجهين صعوبات في عملك؟
أحب ما أقوم به وأنا سعيدة لأنني يمكنني أن أفيد الناس. فإن الأشخاص الذين يأتون إليّ هم متعبون عاطفياً من البيئة الجديدة ومن الغموض الذي يكتنف مستقبلهم في بلغاريا ويحتاجون إلى مساعدة مناسبة. وفي الوقت نفسه يكون الكرب والصدمات التي عانوا منها في المكان الذي أتوا منه هي هائلة.
عندما يكون الشخص وحيداً في مثل هذا الموقف وليس لديه أي دعم ، فيؤدي ذلك إلى ذهول عاطفي بحيث لا يستطيع أن يفكر ويفهم بشكل صحيح : أين هو، ما يحدث بحياته أو حياة أطفاله. في مثل هذه الحالات أبدأ أعتني بهذا الشخص على الفور. يتجلى الجزء من مهمتي في مساعدة الناس للعثور في أنفسهم على القوة و”الموارد” للتعامل مع المشكلة حتى يتمكنوا من “ظهور” هذه القوة والبدء في استخدامها.
يأتي التحسن في حالة هؤلاء الناس النفسية منذ اللحظة التي يبدأون أن يشعروا فيها بالدعم ويرون أن هناك شخص قام بمد يده إليهم ويصبح معهم في هذا الطريق. وأقول لهم دائما بأنهم يستطعون مراجعتي في أي وقت. عندما يعرفون هذا ، فإنهم يميلون إلى المشاركة ، ويعرفون أن هناك من يعتمد عليه ، وهنا في مركز منظمة “كاريتاس” يوجد أناس سيساعدونهم في التغلب على الوضع الصعب الذي وقعوا فيه.
هل تعتقدين أن بعض المواقف السلبية تجاه اللاجئين يمكن أن تتغير إذا كان هناك المزيد من الفرص للاتصال المباشر؟
على أي حال ، فإن الاتصال المباشر بين البلغار واللاجئين سيساعد الناس على فهم وادراك أننا متشابهون. إنهم أيضا أشخاص لديهم تاريخهم ومصيرهم ، والاتصال هو جزء لا يتجزأ من قبول الشخص المختلف. عندما لا يكون لدينا اتصال مباشر مع الشخص اللاجئ نكون أكثر عرضة لقبول الرأي العام والإدراك العام أو نترك أنفسنا تحت تأثير أية أفكار ومخاوف أخرى.
ما هي النواقص في عملية التكامل التي لاحظتها خلال عملك؟
إن المشاكل متعددة وتتجلى في: صعوبة في الاتصال، واستراتيجية الدولة المتخلفة لاستقبال اللاجئين وتكاملهم، عدم وجود الاهتمام الكافئ من جانب المؤسسات التي لم تحل بعد المشاكل الأساسية مثل الاحتياجات الفسيولوجية والمنزلية للاجئين في مراكز الإقامة. إنه من الصعب التفكير في الاندماج عندما تشعر بالجوع والعطش وأنت حافي وعار.
إذا لم تكن هناك منظمات مثل “كاريتاس” وجميع الزملاء الذين نعمل سوية في هذا الاتجاه ، سيكون من المستحيل على اللاجئين التغلب على الوضع. فهم يأتون إلى بلدنا دون أن يعرفوا لغتنا ولا نظامنا وعاداتنا.. فكيف تتصورون أن هؤلاء الأشخاص سيجدون طبيباً وكيف يسجلون أطفالهم في المدرسة وكيف يتعاملون مع كل هذا دون أية مساعدة؟ فبدون تدخل ودعم “كاريتاس” والمنظمات الأخرى المشابهة بمنظمتنا ستكون هذه العملية مستحيلة.
ما هي التوصيات التي تقدمينها للحكومة البلغارية؟
إنه بالنسبة لي من الناحية الإنسانية البحتة يجب البدء بحل الاحتياجات الأساسية… يجب ألا يحرم الناس من الطعام والماء والمأوى. فقد شاهدت حالات مختلفة مثل – قصص مذهلة لأمهات وأطفالهن حول ما يحدث في مراكز الإقامة وكيف كان الموظفون هناك يرفضون تقديم الماء لطفل صغير. يجب أولاً أن يكون هناك سقف فوق رأس الأ شخاص ليصبح شبعاناً ومرتدي ملابسه.. عندما تتم تلبية هذه الاحتياجات يمكن له الاستمرار في التطور.
وفي الوقت نفسه يعتمد التكامل على الفرد. وقد لا يكون يتمتع بوضع اللاجئ ولكنه إذا كان لديه الدافع ويريد البقاء هنا ويبحث عن طرق وفرص لتحقيق نفسه قد يجد الطريقة الصحيقة.. سيحضر دورات تنظمها “كاريتاس” لتعلم اللغة، وسوف تقدم له المساعدة في العثور على وظيفة، والاتصال بالطبيب العام أو في التعامل مع المؤسسات لإيجاد المدرسة للأطفال ، وفي اتمام جميع العمليات التي هي جزء من عملية التكامل.
فهل تخيل نفسك وأنت في الشارع بدون مبيت وتكون عارياً ، وحافي القدمين وجائعاً وعطشاناً.. وعليك أن تنام الليلة مع طفلك الصغير تحت السماء المفتوحة ، كما يجوز مشاهدة حالات مماثلة في الحديقة القريبة.. هل عندئذٍ ستفكر فيما ستفعله أو ستفكر أولاً كيف تستطيع أن تؤمن لطفلك سقفاً فوق الرأس بدلاً من أن ينام تحت المطر؟ تكون الأمور متصلة ببعضها. إذا تم تزويد هذا الشخص بالظروف المعيشية الأساسية ، فسيكون في حالة جيدة وسيتمكن من البدء بعملية التكامل.
إن جميع الحالات التي قمت بمعالجتها هي للناس الذين يريدون العمل وكسب رزقهم. إنهم لا ينتظرون أن يعتني بهم أي شخص آخرطوال حياتهم. من المهم بالنسبة لهم أن يرون يد ممدودة إليهم. إن انتظار شيء ما وكأنه زكاة أورحمة يعني في المقام الأول أن المرء ليس واعياً بذاته. يوجد مثل هؤلاء الناس بين اللاجئين وبين البلغار أيضا.
أين الحد الفاصل بين تقديم الدعم وتحويل مجموعة من الأشخاص يعتمدون على المساعدة فقط ، وكيف يجوز مساعدة المرء ليصبح مستقلاً ومعتمداً على نفسه؟
هذا هو الغرض من الأنشطة التي تنظم في مركز “سفيتا آنا “- أن يصبح الشخص مستقلاً من خلال الرعاية المتكاملة.. مع ذلك فإن عملية التكامل هي متبادلة – يحصل اللاجئون على الدعم ، لكنهم يحتاجون أيضًا إلى إظهار أنهم يبذلون جهودًا للتطوير من أجل المباشرة في التصرف بحياتهم بأنفسهم. وهذا هو السبب بالذات في بذل جهودنا ليصبح جميع الخدمات المقدمة من مركز “كاريتاس صوفيا” مصممة لاحتياجات اللاجئين الفردية. وكلما كانت الرعاية أكثر تكاملية لكانت النتيجة من كل الجهود المبذولة أكثر جودة.
هل هناك أمثلة إيجابية محققة في عملية التكامل؟
بين الأشخاص الذين يترددون إلى مركز “سفيتا آنا ” هناك الكثير من الناس الذين استقروا بالفعل – لم يعملوا من قبل.. لكنهم في الوقت الحاضر يذهبون للعمل وأصبح أطفالهم طلاباً في المدارس البلغارية.
ما الذي يحفزك؟
في أغلب الحالات ألاحظ كيف تسير الأمور إلى الأمام عند كل من الأطفال والوالدين معاً وهذا ما يحفزني. وفي الحقيقة تحفزني الوقائع.. كيف هؤلاء الناس يشاركون ويبدأون أن يتصروا بالأمور بشكل أفضل فأفضل ولا يستسلمون. هناك أناس يأتون إلينا دون معرفة ما سيحدث في حياتهم. وفي اللحظة التالية ، بعد العمل الذي يقوم به موظفو “كاريتاس” يصبح لديهم بالفعل هدف وأصبح يعرفون ما يقومون به ويفعلون ذلك برضاء.
ماذا تأملين في التغيير من خلال أنشطة منظمة “كاريتاس” لدعم اللاجئين؟
هناك كلمة واحدة أخشى أنها غير معروفة للكثير من الناس وهي “الحب للإنساني”. إذا يكون كل الشخص يحمل في نفسه الحب للانسان أوتمكن من تكوينه في نفسه فتصبح الأمور مختلفة تماماً.
لقد نسينا حقاً ما يعني أن نحب ونحترم أترابنا. إذا استطعنا النظر في عيني الشخص الواقف أمامنا وشاركناه في الذي هويشعر به لمدة دقيقة فقط وأن نحاول أن نفهم ماذا يحدث معه فقد نستطيع أن ندرك بأنه يمكننا مساعدته. وقد تتجلى هذه المساعة في مجرد الاستماع إليه ، قد نكون قادرين على فعل المزيد – هناك دائما شيء للقيام به لمساعدة شخص ما. مهما كان هذا الشخص.. وخصوصاً بالنسبة لأولئك الناس الذين يأتون إلى هنا وهم في حالة اليأس التام
إذا كان كل واحد منا يتخيل أنه في مكان هذا الشخص الآخر ويجتمع بعائلة مماثلة، وينظر في عيون هؤلاء الناس، ربما سيقول في نفسه: “أنت مثلي! “. إذا تواصلنا بهذه الطريقة ، ليس فقط مع اللاجئين ولكن مع جميع الأشخاص المحيطين بنا ، فإن الحياة ستكون أسهل بكثير.