يحمل كل الشخص خصوصياته الفردية

“اسمي أحمد وأنا من العراق. أتيت إلى بلغاريا لأول مرة قبل 8 سنولت” – بهذه الكلمات تبدأ قصة أحد المشاركين في برنامج التوجيه لمنظمة “كاريتاس صوفيا”
يساعد هذا البرنامج التشجيع على مخالطة الأشخاص الذين تلقوا الحماية الدولية بالسكان المحليين. يقوم هذا البرنامج بربط الناس ينتمون إلى ثقافات مختلفة من خلال مساعدتهم على تحقيق أحلامهم، وبناء جسر لعوالمهم، والآمال والرغبات لإظهار أفضل ما لديهم، ومحو الحواجز الوهمية للخرافات والمخاوف

قد أصبحت الحرب في وطن أحمد سبباً للبحث عن الأمن والتحقيق المهني في أوروبا. يحمل أحمد شهادة البكالوريوس في إدارة الأعمال بينما الشخص البلغاري الذي عُين لتوجيهه واسمه نيكولا قد انهي تعليمه العالي في مجال المالية في المملكة المتحدة.

بالإضافة إلى اهتماماتهما المشتركة بالإقتصاد فيجدا التشابه فيما بينهما في قيامهما بالسفر والعيش في أوروبا الغربية.

وبدأ أحمد ونيكولا منذ بضعة أشهر بالتعاشر بشكل منتظم وتبادل الخبرة  والأراء ويصبحا يفيدان بعضها البعض ويتعارفان على ثقافاتهما بطريقة متبادلة. وذلك ما يفيد أحمد فائدة كبرى بحيث تتحول هذه المخالطة مع نيكولا إلى أحسن وأفضل دروسه في اللغة البلغارية.

تكون اهتمامات ومهارات أحمد متنوعة – من تخبيز الخبز العربي التقليدي إلى التمعن في تفاصيل التسويق الرقمي وطرق الدفع الإلكترونية مع العملة الإفتراضية (bitcoin) – يستطيع أن يفاجئ الجميع بسيرته الذاتية المهنية. وتدل ابتسامته المؤثرة على أنه ولا للحظة واحدة  لا يستسلم ومستعد لمواجهة التحديات الجديدة.

وبعد حصوله على وضع اللاجئ في بلغاريا خلال عام 2009م لم يكن لديه سوى اسبوعين لمغادرة المركز التابع  لوكالة الدولة لشؤون اللاجئين حيث كان يقيم فيه وإيجاد منزل وعمل له. وعندئذٍ ما كان يجيد اللغة البلغارية وقال بأنه ما كان لديه أي شخص يعرفه وما كان يعرف صوفيا. فبعد ما بقي بلا مأوى وبلا عمل أدرك أحمد أنه إذا أراد التغلب على الصعوبات  يكون عليه في بدء الأمر المباشرة في تعليم اللغة البلغارية،،، فهكذا سمع عن وجود منظمة “كاريتاس” ونشاطها

ووجد في وجه هذه المنظمة العون الذي كان يحتاجه. ولذا يشعر باحترام وامتنان كبيرين إلى الموظفين العاملية في منظمة “كارتاس صوفيا” الذين مدوا أيديهم إليه ونقلواه إلى الطبيب لتشخيصه بسبب المرض الذي كان يعاني منه،،، كما اقترحوا له أن يتابع إحدى الدورات في اللغة البلغارية وسجلواه ضمن برنامج التوجيه،،، وهذه هي بداية التغيير الإيجابي في حياته.

يعتبر غياب برنامج اندماج جيد في بلغاريا سيمة سلبية. ويعطي  مثالا على السويد، حيث يحصل كل لاجئ على بطاقة الاندماج – التي توفر لهذا اللاجئ مبالغ للعيش، ولكنها في الوقت نفسه يسجل هذا اللاجئ بواسطتها حضوره لحصص تعليم اللغة السويدية. فإذا يغيب اللاجئ عن حضور حصة، فيتم ابلاغ السلطات على الفور على ذلك  بحيث تقوم هذه السلطات فورياً بزيارة  الاجئ . وتريد الدولة التأكد من أن الشخص الذي تساعده يبذل الجهود اللازمة للانضمام إلى المجتمع، وتعلم اللغة وإيجاد العمل بمفرده.

على الرغم من وجود برنامج اندماج أفضل في السويد، يكون  أحمد مقتنعاً بأن بلغاريا هي أفضل مكان للعيش. ويرى بأنه عندنا إمكانيات هائلة لتطوير الأعمال التجارية في القطاع الخاص ، على الرغم من الصعوبات التي هي تعرقل دائما  الطريق أي شخص بدأ أعماله الخاصة به. وأعاد أحمد الأمل في أنه يمكن أن يعطي دفعة جديدة لحياته بعد ما اجتمع مع منظمة “كاريتاس”. إنه لا يتخلى بسهولة. وقبل بضعة أشهر التقى لأول مرة بمعلمه وموجهه الذي سيصبح قريبا أحد أصدقائه الحميمين في بلغاريا.

سمع نيكولا عن برنامج التوجيه  من صديق له عبرالشبكة الاجتماعية. وكان محباً للأستطلاع على موضوع اللاجئين. إنه ليس واحدا من الناس الذين سوف ينظرون إلى رأي الآخرين، كما يفعله  الكثيرون عندما يتعلق الأمر بالأشخاص طالبي اللجوء في بلدنا. ومنذ اللحظة الأولى أدرك المسؤولية التي كان يبدأ بتحملها. هذه هي رسالة يجب بذل الاهمام والوقت اللازمين لشخص  يحتاج الرعاية والاهتمام.

بدأ نيكولا عمله التطوعي دون تحيز، ولم يغير موقفه حتى يومنا هذا. وحسب رأيه  اللاجئون هم أشخاص مثل أي شخص آخر – يمكن لأي شخص أن يجد صفات مشابهة معهم. “في الوقت نفسه، يكون كل الشخص مختلفاً عن الآخرين. أفضل أن ننظر إلى الناس كشخصيات، وليس كجزء من قطيع أو مجموعات مختلفة – عرقياً أو دينياً. لكل الشخص خصوصياته الفردية. لقد انهيت تعليمي العالي في مجال “المالية” وتخرج أحمد في اختصاص “إدارة الأعمال”. أهتم مثله بأسواق الأسهم، والعملات الافتراضية الجديدة. ليست لدي خبرة ولكنني أهتم بذلك ويحدثني أحمد عن عمله. لدينا الكثير من الأشياء المشتركة تربطنا  – هذا ما رواه نيكولا لنا.

كما خبرنا  باستغراب أقاربه من نشاطه الجديد ولكنهم يدعمونه. ويجد القوالب النمطية السلبية ضد اللاجئين نتيجة لنظامنا التعليمي الذي عفا عليه الزمن والموقف السلبي العام للبلغاريين تجاه كل شيء تقريباً. وفي رأي يكولا يكمن المفتاح في النهج والمعاملة.

“أعتقد بضرورة وجود مبادرة خاصة بشكل أوسع. فعندما تتدخل الدولة فغالباً ماتقوم بتأدية الإجراءات  بطريقة غير معالة. ويشير أحمد إلى السويد وإلى الضرائب الكبيرة التي تتفرضها الدولة هناك ومن ثم توزع هذه الأموال  للاجئين والمجموعات الضعيفة. إنني  شخصياً أفضل طريقة أخرى. وقد تتجلى الاستراتيجية الأكثر نجاحاً في إضمان  للمواطنين دخل أعلى مما يؤدي ذلك إلى أن يستنتجوا عندئذٍ بأنفسهم  أنهم يستطعيون المساعدة ومد أيديهم. وبهذا الشكل سنتمكن من تحطيم  الصور النمطية  ليصبح لهؤلاء الناس خياراً لإعطاء المال للرسالة التي يؤمنون بها. وإلاّ يبقى عندنا وجود أناس فقراء  ذوي مستوى تعليم متدني يشعرون بأن الدولة تأخذ أموالهم وتعيد توزيعها لللاجئين أو على المجموعات الأخرى. وذلك ما يثير الكراهية فقط ويزيد من تفاقم المشكلة ولا يحلها – هذا ما صرح نيكولا به.

يعطي برنامج التوجيه تطبقه منظمة “كاريتاس” الأمل  بازدياد الناس الراغبين الحياة في التفاهم وتبادل سعادتهم ومساعدة الأشخاص الذين يبحثون عن الحماية ومساعدة أي انسان وقع في حاجة وذلك من خلال توفيد مساعدة وفرصة لحياة جديدة.